بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
فيما جاء في تفسير قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا
عن جابر بن عبدالله الانصاري قال:
" وفد على رسول الله(صلى الله عليه وآله) أهل اليمن فقال النبى(صلى الله عليه وآله):
جاءكم أهل اليمن يبسون بسيسا, فلما دخلوا على رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال:
قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، ومنهم المنصور، يخرج في سبعين ألفا ينصرخلفى وخلف وصيي، حمائل سيوفهم المسك فقالوا:
يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: هوالذى أمركم الله بالاعتصام به فقال عزوجل: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل، فقال: هو قول - الله، " إلا بحبل من الله وحبل من الناس " فالحبل من الله كتابه، والحبل من الناس وصيي: فقالوا:
يا رسول الله من وصيك؟ فقال: هو الذى أنزل الله فيه " أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله" فقالوا:
يا رسول الله وما جنب الله هذا؟ فقال: هو الذى يقول الله فيه: " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا " هو وصيي، والسبيل إلى من بعدي،
فقالوا: يا رسول الله بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه فقد اشتقنا إليه، فقال:
هو الذى جعله الله آية للمؤمنين المتوسمين، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لان الله عزوجل يقول في كتابه: " فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " [أي] إليه وإلى ذريته(عليهم السلام).
ثم قال:
فقام أبوعامر الاشعرى في الاشعريين، وأبوغرة الخولانى في الخولانيين، وظبيان، وعثمان بن قيس في بنى قيس، وعرنة الدوسى في الدوسيين، ولا حق بن علاقة چ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد الانزع الاصلع البطين
وقالوا:
إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله، فقال النبى(صلى الله عليه وآله): أنتم نجبة الله حين عرفتم وصى رسول الله قبل أن تعرفوه، فبم عرفتم أنه هو؟ فرفعوا أصواتهم يبكون ويقولون: يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ولما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا، وانجاشت أكبادنا، وهملت أعيننا، وانثلجت صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن له بنون.
فقال النبى(صلى الله عليه وآله): " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " أنتم منهم بالمنزلة التى سبقت لكم بها الحسنى، وأنتم عن النار مبعدون.
قال: فبقى هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين(عليه السلام) الجمل وصفين فقتلوا بصفين رحمهم الله، وكان النبى(صلى الله عليه وآله) بشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع على بن أبي طالب(عليه السلام).